إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 4 أغسطس 2011

لماذا إهمال سوق الدراسات والاستشارات ؟؟

شركة دودج الأمريكية لصناعة السيارات كادت أن تقع أواخر السبعينيات في براثن الإفلاس لولا أن أنقذتها الحكومة الأمريكية لأنها لم تجر دراسات سوقية حديثة لمواءمة إنتاجها من السيارات بما يتناسب ومتغيرات السوق، حيث استمرت بإنتاج السيارات الكبيرة التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود رغم تحول الطلب من السيارات الكبيرة إلى السيارات الصغيرة بسبب ارتفاع أسعار الوقود بشكل كبير على خلفية ارتفاع أسعار النفط بعد حرب 6 أكتوبر عام 1973، وهذا مثال يبين أهمية الدراسات والجهود الاستشارية الفكرية عميقة الخبرات كعناصر حاسمة في استمرارية المنشآت الاقتصادية وفي تطوير الأعمال والأسواق بأقل درجة من المخاطر دون الحاجة للمرور بمرحلة التجربة والخطأ عالية التكلفة.
يقول البعض إن سوق الدراسات والاستشارات في بلادنا ما زالت سوقا ناشئة في بلادنا، وأقول نعم هي كذلك من جهة كم ونوع عناصرها ومن جهة وعي هذه العناصر وكفاءتها والعلاقة بينها، ولكن ما الخيار الآخر؟ الخيار الآخر هو العمل بعشوائية وبآراء وانطباعات شخصية وخبرات محدودة ذات أبعاد عاطفية غير محايدة، وكلنا يعلم الآثار السلبية للعمل بهذه المنهجية التي تقول بجهود فكرية قليلة مقابل جهود تنفيذية كبيرة جلها يمكن تفاديه لو أن الدراسات والجهود الفكرية أعطيت حقها، والضليعون في علم الإدارة يعرفون أن مخرجات هذه المنهجية العشوائية سيئة للغاية بعضها يكون مشكلات جديدة ومؤلمة تستدعي هي الأخرى جهودا وتكاليف لمعالجتها.

إذن لا خيار منطقيا ــــ ولقد سبقنا إليه الآخرون ــــ سوى بإعادة بناء موقفنا تجاه الدراسات والاستشارات من جهة الأهمية، والضرورة ومن جهة الجودة، ومن جهة التكاليف، وهو موقف سيتبعه سلوك يؤصل لتطور متسارع لارتفاع مستوى الدراسات والاستشارات بمرور الزمن متى ما أصبحت بضاعة مهمة وضرورية ولها معايير يمكن تأهيل مقدميها قبل التورط بالتعامل معهم وتحمل تكاليف استشاراتهم.

أحد المديرين في أحد الأجهزة الحكومية قال لي وبالحرف الواحد إن مسؤوله المباشر قال له لا تتخذوا أي خطوة تنفيذية بشأن أي خطة أو مشروع إلا بالاستعانة بمستشارين متخصصين، ويقول إنه استنكر هذا الأمر من المسؤول وهو صاحب الخبرة الطويلة في مجال عمله إلا أنه قبل أمر المسؤول على مضض ونفذه، وعند ذلك أدرك أن سني خبرته الطويلة ما هي إلا تكرار لأخطاء كان يفعلها تكلف الكثير من الوقت والجهد والمال دون مخرجات تستحق كل ذلك إذ حققت الاستشارات قفزات كبيرة في جودة العمل وانخفاض مدة تنفيذه وتكاليفه بشكل كبير.
_______________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق