بودي أن أوضح لقرائي الكرام حقيقة تاريخية غابت أو غُيبت عنهم وقلما يذكرها التاريخ والمؤرخون، ولا سيما المستشرقين منهم.
معظم كتب التاريخ الإسلامي، ومنها المناهج المدرسية في الدول العربية والإسلامية، تتحدث بإسهاب عن انتشار الدعوة الإسلامية. وقارئ هذه الكتب يخرج بحصيلة مفادها أن الإسلام انتشر عن طريق الفتوحات التي يسميها المستشرقون الغزوات، ولولاها لبقيت الدعوة محصورة في الجزيرة العربية.
هذا صحيح من ناحية وغير صحيح من ناحية أخرى. الفتوحات حقيقة تاريخية، ولكن لو أن انتشار الإسلام اعتمد عليها فقط لكان عدد المسلمين اليوم لا يتجاوز نحو 500 مليون شخص، إذا أخذنا في عين الاعتبار الأمصار التي وصلت إليها جيوش المسلمين. واليوم قد يقارب عدد المسلمين 1.500 مليون.
فكيف دخل ألف مليون شخص آخر الإسلام؟
لم يحاول المؤرخون والمستشرقون الإجابة عن هذا السؤال. إجابته تدحض النظرية الغربية القائلة إن الإسلام انتشر عن طريق العنف والقتال، لأن أجداد ثلثي المسلمين اليوم قبلوا الإسلام دينا ولم تطأ أراضيهم قدما جندي مسلم واحد.
من أقنع سكان هذه الأمصار بدخول الإسلام أفواجا؟ وكيف حدث ذلك؟
الرقعة الجغرافية التي أعنيها هي منطقة جنوب شرق آسيا برمتها ومعها شبه الجزيرة الهندية، حيث توجد الأغلبية الساحقة للمسلمين. هؤلاء دخلوا الإسلام تيمنا بأخلاق المسلمين الحسنة وتعاملهم الإنساني وسلوكياتهم السليمة وأمانتهم وحرصهم وأسلوب تعاملهم الراقي. المسلمون وصلوا هذه الأمصار عن طريق التجارة وكان التجار المسلمون نموذجا بين أقرانهم لا يؤدون الفروض والطقوس فقط، بل يطبقون الإسلام كسلوك وتصرف وحضارة إنسانية راقية.
هؤلاء التجار من المسلمين، وعكس رفاقهم الآخرين من الأديان الأخرى، لم يعرفوا الكذب والفحشاء والتعدي والسرقة والظلم والحصول على المال بطرق غير مشروعة. كانت الناس تأتمنهم ولم يخونوا الأمانة، وبخلقهم الحسن والرفيع استطاعوا جذب هذه الشعوب صوب دينهم ودخلوا فيه أفواجا، لدرجة أن المسلمين يمثلون الغالبية اليوم في دول مثل ماليزيا وإندونيسيا وبنجلادش، ويقارب تعدادهم 200 مليون شخص في الهند وهم في ازدياد مطرد.
______________
مرجع المادة: http://www.aleqt.com/2011/08/05/article_566263.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق