إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 13 أغسطس 2011

كاتب: تخفيض الدين الأمريكي قرار خاطئ!!


تخفيض ستاندر آند بورز تصنيف الدين السيادي الأمريكي من AAA إلى AA+ كان قرارا متهورا، وخاطئا، وخطيرا. ففي أفضل الحالات أظهرت ستاندر آند بورز جهلا مذهلا وإهمالا للعواقب المحتملة على نظام مالي عالمي هش. واختارت وكالة التصنيف هذه اتخاذ هذا الإجراء بعد أسوأ أسبوع في أسواق الأسهم الأمريكية منذ عام 2008، وهو أسبوع لم يشهد فقط تراجع أسعار الأسهم بحدة، بل شهد كذلك تصاعدا خطيرا في أزمة الديون الأوروبية. وكان الإجراء غير ضروري نهائيا، ولم يكن بالإمكان أن يكون توقيته أسوأ من ذلك. وبدمج هذين الأمرين معا، فإن مبرراته كانت ضعيفة وعواقبه على النظام المالي العالمي في الأجلين القريب والبعيد، غير قابلة للتوقع.

القرار خاطئ لأسباب عدة.
أولا، إنه أمر لا يقبل التصديق أن ستاندر آند بورز تعتقد الآن أن الأهلية الائتمانية للولايات المتحدة أقل مما كانت عليه قبل أسبوعين، أي قبل الاتفاق على رفع سقف الدين وحين أظهر الحزبان درجة من العناد، وكانت تتم دراسة خطط للطوارئ تشمل تحديد أولويات الدفعات، أو حتى إعلان أن الدين لاغٍ وباطل. وعلى أية حال، تم التوصل إلى اتفاق يضمن قدرة الولايات المتحدة على تمويل عملياتها خلال الفترة الانتخابية المقبلة، كما أطلقت عملية لمعالجة الاختلالات المالية الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة.

فضلا عن ذلك، النقاش حول رفع سقف الدين ركز الاهتمام العام على الاختلالات المالية العميقة في الولايات المتحدة، وغيّر الأولويات الحاكمة لتتضمن خطوة لمعالجة المنحنى غير المستدام للإنفاق الحكومي. ويتركز النقاش الآن على ما إذا كانت هناك حاجة إلى تعزيز العوائد. ويشكل هذا الأمر تقدما كان يجب أن يؤخذ في صالح تصنيف AAA وليس العكس.

ثانيا، ستاندر آند بورز أعطت وزنا قليلا، أو لم تعط أي وزن للدور الفريد الذي تلعبه الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي. فالاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد في العالم والأكثر إنتاجا، ويظل الدولار عملة الاحتياط العالمية. والبديل الوحيد المحتمل الذي هو اليورو، معيب هيكليا، ويمر بما يمكن أن يتحول إلى صراع وجود. وبما أن الولايات المتحدة هي التي تصدر عملتها، فإن بإمكانها تسوية ديونها بطباعة مزيد من أوراق النقد إذا احتاجت إلى ذلك، ولهذا لا يوجد أي شك على الإطلاق في قدرتها على السداد.

ثالثا، الأسواق تقول إن ستاندر آند بورز على خطأ. فالولايات المتحدة تتمتع بواحد من أقل معدلات الفائدة في تاريخها. ويتزامن هذا مع أعلى العجوزات وصورة مالية مروعة في الأجل الطويل. ومع ذلك حين يسعى المستثمرون إلى الأصول الآمنة، فإنهم يشترون سندات الخزانة الأمريكية. وتقترض الولايات المتحدة بمعدلات فائدة أدنى في الأجل الطويل مما كانت عليه حين كان لديها فائض في الميزانية. وسارع المستثمرون في أزمة عام 2008 إلى سندات الخزانة الأمريكية والدولار؛ لأنهم كانوا يبحثون عن أعلى الأصول أمانا، وأكثرها ضمانا ائتمانيا. ويبدو أن ستاندر آند بورز لم تلحظ ذلك.

إن إجراءات الوكالة تشكل مخاطر غير قابلة للتوقع وخطيرة على الاقتصاد العالمي. وكما لاحظ وارين بوفيت، الخوف مُعدٍ وينتشر سريعا، بينما الثقة هشة وتعود بالتدريج مع مرور الوقت. ويمكن لإجراءات ستاندر آند بورز أن تعمل فقط على تقويض الثقة الضعيفة وزيادة عدم اليقين. لقد أوجدت ما سماه كينز ''عدم اليقين غير القابل للتناقص''. وليست لدينا فكرة عن نتائج قرار ستاندر آند بورز على الأصول الخالية من المخاطر، الصادرة عن بلد يحتل مكانة فريدة في الاقتصاد العالمي، التي يمكن ألا تكون خالية من المخاطر في نهاية الأمر.

_________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق