الحقيقة أن اليونان هي البداية..
فالحكومة اليونانية السابقة حكومة حزب ''الديمقراطية الجديدة'' اليميني، هي التي وافقت على شروط الاتحاد الأوروبي، فهذه الشروط
وهي في الواقع شروط الاحتكارات الأوروبية الرأسمالية الكبرى.
إذ أرغمت اليونان على التخلي عن زراعات استراتيجية مهمة كالزيتون والحمضيات، والتخصص باستبدال زراعة هاتين المادتين بزراعة الأزهار والورد؛ لأن زراعة الزيتون والحمضيات من اختصاص إيطاليا وإسبانيا، أما تربية الماشية فهي من اختصاص هولندا، وهكذا تحت ذريعة التخصصية فقدت اليونان قطاعا حيويا من قطاعاتها الاقتصادية المهمة جدا، وتدفقت على اليونان رؤوس الأموال الاستثمارية في مشروعات تخدم في الواقع استثمارات دول رأس المال، دون الأخذ في عين الاعتبار قدرة اليونان على سداد المستحقات المترتبة عليه حيال هذه المشروعات.
ولجأت الحكومة اليونانية إلى سياسة الخصخصة لجمع ما يمكن من مبالغ لسداد الديون، ووصل الأمر بالاتحاد الأوروبي أن طلب من الحكومة اليونانية أن تبيع عددا من جزرها الجميلة جدا كي تسدد ديونها البالغة نحو 408 مليارات دولار.
ولكن لا الحكومة الاشتراكية حكومة الباسوك ولا الاتحاد الأوروبي يقدّران بدقة نتائج هذه السياسة التي أنتجتها سياسات الليبرالية الانفتاحية منذ عشر سنوات، ورغم جميع المحاولات لتلافي الوقوع في الأزمة
ولكن السياسة الخاطئة ستكون لها نتائج خاطئة بالضرورة.
ولجوء الحكومة اليونانية لبيع العديد من المنشآت الحكومية لم تساعدها على تلافي الأزمة، وكما شبه الوضع أحد الاقتصاديين الأوروبيين الكبار بقوله:
إنها تشبه عملية ضخ دم لمريض ينزف دوما داخليا.
وردا على إجراءات الحكومة هب المتضررون من سياسة التقشف الجائرة بإضرابات واسعة جدا شملت أكثر من 20 مدينة يونانية.
ويقول المناهضون للعولمة الاقتصادية الرأسمالية:
إن الحل يكمن في تغيير النهج الاقتصادي القائم وإيجاد البديل الوطني القادر
على حماية اليونان من الوحش الاحتكاري الأوروبي الكبير.
ويقول المحللون: إذا ما عولجت أزمة اليونان فإن دومينو الأزمة سيصل بالضرورة إلى جميع الدول الأطراف في الاتحاد الأوروبي بعد دولة المركزية، ما يهدد بفرط عقد اليورو بوصفه عنوان الاتحاد الأوروبي الذي قال ذات يوم عنه في بداية القرن الـ 20،
وعندما كان مجرد شعار:
إنه غير ممكن التحقيق أو سيكون رجعيا وتعسفيا في ظل الرأسمالية المتوحشة!
وقد قال كاتب المقالة: جهاد المحيسن، في بداية المقالة:
أن تلك الأزمة ضربت وبشدة وألقت بكل ظلالها على اليونان،
فهذا البلد الفقير والصغير مقارنة بالدول الرأسمالية الكبرى المتطورة،
وجد نفسه في قلب العاصفة بعد أن ربط مصير اقتصاده الوطني بعجلة الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي والعالمي،
وقبوله بشكل كامل وطوعي لجميع شروط الاتحاد الأوروبي !!
_________________
مرجع المادة: http://www.aleqt.com/2011/07/29/article_563691.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق