من كلام الشيخ د. عبد الكريم الخضير:
القاضي عِياض بن موسى بن عياض اليَحْصبِي المالكي المتوفى (ت: 544 هــ).
قد ألَّف كتاباً في شرح مسلمٍ سمَّاه (إِكمالُ المُعلم)، وهو في الأصلِ إِكمالاً لكتاب (المُعلم بفوائد صحيح مسلم) لأبي عبد الله محمد بن علي التَّميمي المَازِري (ت: 536هـــ) رحمهما الله تعالى.
.. فــ "إكمال المعلم" هذا الكتاب ألَّفه القاضي -رحمه الله تعالى- تكميلاً لكتاب "المعلم" للمازِري
وجاء تلبيةً لرغبة كثيرٍ من تلاميذه الذين لمسُوا من درسه في الصحيح الفوائد الجَمَّة والزيادات المهمَّة، فالتمَسَ منه الطلبة أثناء تدريسه لصحيح مسلم أنْ يشرحَ الكتاب شرحاً مستقلاً نظراً لكثرة ما يُبدِيه لهم ويَذكره من الفوائد والشَّوَارد والنَّفائس. التمسُوا منه ذلك فاعتذَرَ أولاً لانشغاله بالقضاء، ثم لما تَركَ القضاء اتَّجه إلى التَّأليف.
في البداية قد عَزَم على تأليف كتابٍ مستقلٍ في شرحِ مسلم؛ لكنه رَأى أن من العدل والإنصاف لسابقِيه أنْ يجعل الكتاب مُكملاً للنقص الكثير الوارد في "المعلم" مع اعتماده أيضاً على "تقييد المهمل" للجياني، ولا شك أن الاعتراف بالسَّابق أمرٌ مهمٌ ينبغي أنْ يُربَّى عليه الطلبة، فإذا كان هذا من مثل القاضي عياض الذي يستطيع أنْ يُؤلف ابتداءً مثل ما كَتَبه تبعاً أو أفضل إلا أنه من باب الاعتراف للسَّابقين، يعني: الإنسان يَأنفُ أنْ يتعلَّق بأَذيَال غيره، بل يكتبُ ابتداءً، لكن الحافظ ابن حجر أَكثرُ مصنَّفاته تَبعاً لغيره، مع إمامته، إما أنْ يختصر كتاباً أو يعلِّق عليه أو يُنكِّت عليه، هذا من باب الاعتراف.
والسَّبقُ له وُزنُه عند أهل العلم، في مطلع الألفية لمَا تكلَّم عن "ألفية ابن مُعطِي" الإمامُ ابنُ مالك وأن أَلفِيَته فائقةٌ ألفية ابن مُعطِي قال:
أمرُ "السَّبقِ"، لا شك أن السَّابق له فَضلٌ على اللَّاحق، بل له فضلٌ كبيرٌ على اللَّاحق، الذي فَتحَ له الأبواب.
والكلام في هذا طويل، ومن هذا الباب أنه لما سُئل الشيخ "محمد رشيد رضا" عن "شيخ الإسلام ابن تيمية" رحمها الله تعالى، وهل هو أعلمُ من الأئمة الأربعة أو دونهم؟ قال:
"شيخ الإسلام تخرَّج على كتب الأئمة الأربعة وكتب أتباعهم، فلهم الفضل عليه من هذه الحَيثيَّة، ولكونه -رحمه الله- أَحاطَ بما كَتبُوه، ولمَا كَتَبه أتباعُهم فهو أَوسع منهم من هذه الجهة".
المقصود، أن السَّابق له الفضل على اللَّاحق، والإنسان لا يُولد متعلمٌ، إنما يَستفيد ممَّن سَبَقه.
________________________
المرجع:
- بتصرف من: الكلام على مناهج الكتب للخضير (3/ 4 -5). المكتبة الشاملة
القاضي عِياض بن موسى بن عياض اليَحْصبِي المالكي المتوفى (ت: 544 هــ).
قد ألَّف كتاباً في شرح مسلمٍ سمَّاه (إِكمالُ المُعلم)، وهو في الأصلِ إِكمالاً لكتاب (المُعلم بفوائد صحيح مسلم) لأبي عبد الله محمد بن علي التَّميمي المَازِري (ت: 536هـــ) رحمهما الله تعالى.
.. فــ "إكمال المعلم" هذا الكتاب ألَّفه القاضي -رحمه الله تعالى- تكميلاً لكتاب "المعلم" للمازِري
وجاء تلبيةً لرغبة كثيرٍ من تلاميذه الذين لمسُوا من درسه في الصحيح الفوائد الجَمَّة والزيادات المهمَّة، فالتمَسَ منه الطلبة أثناء تدريسه لصحيح مسلم أنْ يشرحَ الكتاب شرحاً مستقلاً نظراً لكثرة ما يُبدِيه لهم ويَذكره من الفوائد والشَّوَارد والنَّفائس. التمسُوا منه ذلك فاعتذَرَ أولاً لانشغاله بالقضاء، ثم لما تَركَ القضاء اتَّجه إلى التَّأليف.
في البداية قد عَزَم على تأليف كتابٍ مستقلٍ في شرحِ مسلم؛ لكنه رَأى أن من العدل والإنصاف لسابقِيه أنْ يجعل الكتاب مُكملاً للنقص الكثير الوارد في "المعلم" مع اعتماده أيضاً على "تقييد المهمل" للجياني، ولا شك أن الاعتراف بالسَّابق أمرٌ مهمٌ ينبغي أنْ يُربَّى عليه الطلبة، فإذا كان هذا من مثل القاضي عياض الذي يستطيع أنْ يُؤلف ابتداءً مثل ما كَتَبه تبعاً أو أفضل إلا أنه من باب الاعتراف للسَّابقين، يعني: الإنسان يَأنفُ أنْ يتعلَّق بأَذيَال غيره، بل يكتبُ ابتداءً، لكن الحافظ ابن حجر أَكثرُ مصنَّفاته تَبعاً لغيره، مع إمامته، إما أنْ يختصر كتاباً أو يعلِّق عليه أو يُنكِّت عليه، هذا من باب الاعتراف.
والسَّبقُ له وُزنُه عند أهل العلم، في مطلع الألفية لمَا تكلَّم عن "ألفية ابن مُعطِي" الإمامُ ابنُ مالك وأن أَلفِيَته فائقةٌ ألفية ابن مُعطِي قال:
وهو بسبقٍ حائز تفضيلاً ... مُستَوجبٌ ثَنَائيَ الجَمِيلَا
أمرُ "السَّبقِ"، لا شك أن السَّابق له فَضلٌ على اللَّاحق، بل له فضلٌ كبيرٌ على اللَّاحق، الذي فَتحَ له الأبواب.
والكلام في هذا طويل، ومن هذا الباب أنه لما سُئل الشيخ "محمد رشيد رضا" عن "شيخ الإسلام ابن تيمية" رحمها الله تعالى، وهل هو أعلمُ من الأئمة الأربعة أو دونهم؟ قال:
"شيخ الإسلام تخرَّج على كتب الأئمة الأربعة وكتب أتباعهم، فلهم الفضل عليه من هذه الحَيثيَّة، ولكونه -رحمه الله- أَحاطَ بما كَتبُوه، ولمَا كَتَبه أتباعُهم فهو أَوسع منهم من هذه الجهة".
المقصود، أن السَّابق له الفضل على اللَّاحق، والإنسان لا يُولد متعلمٌ، إنما يَستفيد ممَّن سَبَقه.
________________________
المرجع:
- بتصرف من: الكلام على مناهج الكتب للخضير (3/ 4 -5). المكتبة الشاملة
.. وهذه لفتة تربوية عالية المقام، من الشيخ الخضير.
ردحذف