إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 22 يونيو 2013

من ذكرياتي في أيام "المكية" 1

من ذكرياتي عن المكية :

من أيام الدار المكية: أ. أحمد السُّلمي!
(أحمد السلمي) مدرس بالدار المكية، هو أول مدرس علمنا شراء الكتب، وربط الدراسة بمهارة القراءة الخارجية والبحث، وتنمية الكتابة شعريةً كانت أو نثرية. وذلك في محيط الدراسة النظامية، وإلا فقد كنت (ولله الفضل) نهمًا قبل في مجلة ماجد وأحيانا أضيف إليها مجلة باسم، ومن هناك تمنيت زيارة الإمارات وحبها !
عفوا، الموضوع ليس مجلة ماجد ولا الإمارات، لقد سِرت مع الأستاذ السلمي تجاه ناحية النثر. والبعض تأثَّر به في محاولة كتابة الشعر وقرضه، وإني أدع لهم الكتابة عن هذه المنحى أو المنحنى. (خصوصا وأن الكثير قرضوا الشعر أيام المكية).   
وفي أيام الثالث المتوسط أو الثاني، كان هناك سؤال يدور حول كتابة خاطرة في رجل مريض وهو يعاني الموت، فقمت بكتابة الخاطرة فيما جالت بها خاطرتي، وقد قرأها على الطلاب ومدح خاطرتي وأعطاني (ثمانية من ثمانية) ولو كان غيره لما صدَّق أن هذا من عملي! فقد كنت أعاني من بعض الأساتذة والطلبة الذين كانوا لا يصدقون أن العمل من نتاجي!
لقد قدمت خاطرة وقصة في النحو مما استطعت محاولتها، ولكنها كانت مستوحاة من (قصة لأبي سفيان السيامي). وكانت في مسابقة في النحو، وكذا مسابقة في تلخيص كتيب، وهذه المسابقة كانت أصعب مرحلة واجهتها في الكتابة، فلأول مرة أواجه غمار التلخيص، وكان جهدا لا بأس، ولا أدري عن عدم سبب الفوز، ربما اللجنة لم تصدق أو لم تعجبها العمل!
وهذه ميزة أيام الدار، المسابقات لا تقف، والجوائز في حفظ المتون والتشجيع عليه مستمر، والنشاطات مشتعلة، والرحلات التعليمية مزدهرة.    
لأعود مرة أخرى للسلمي الأستاذ. فمرةً طلب مني بحث سريع وقصير عن "الفرزدق"، فلما قرأ الورقة قام بشقها، واستعاذ بالله مما فيها؛ لأن فيها شتما قاذعا. ورحم الله أهل الماضي والحاضر.
ويكفي الفرزدق فخرًا وما بعد الفخر، عند قوله:
                                  (العُرب تعرف مَن أنكرت والعجم !!)
ومرةً طلب هذا الأستاذ بحثًا عن "لغة العيون" وكنتُ فيمن تحمس، فجمعت له بعض الأشعار والحكم التي قيلت في هذا القبيل، وتكلفت بعض الجهد في البحث عن الكتب من المكتبات الموجودة حول الحرم كمكتبة الباز ومصطفى الباز وأنس بن مالك، والمكتبات التي كانت بجوا بعض جهة باب الفتح، والتي كنت أزورها دائما "مكتبة الثقافة" والتي كانت بجوار دورة المياه، وأنت خارج من بوابة الفتح. 
وكنت أفضل الثقافة والإطلاع، وكان الطلبة يذهبون للتحفيظ، وذلك بسبب رغبتي الفهم والقراءة على الحفظ، وكنت أقضي وحيدا في الحرم للقراءة، سوى بعض الأيام الذي أكون فيه مع بعض الأصحاب. أو أجتمع مع بعضهم بعد المغرب والعشاء كمع الأخ فريد وعلي وغيرهما. وأحيانا نجتمع للمذاكرة وخصوصا أيام الاختبار.       
وفي جهة البحث، كانت هناك مسابقة بحثية وكنت فيمن تحمس للكتابة والبحث، ورغم صغر العمر إلا أنني حاولت. وكان لي مع هذه المسابقة قصة.   
وكان البعض لا يصدق أنَّ هذا من جهدي وتعبي، فبلعت الأسى وقضمتها. ولكني لم أيأس.
أول كتاب اشتريته لغرض الدراسة هو الأمثال للميداني، من مال المكافئة التي كانت تعطينا الدار المكية، وهل تصدقون بأنني نسيت المبلغ المحدد الذي كانوا يعطوننا، وهذا مثال لنسيان شيء تكرر كثيرا، فبعض الأشياء تنساه مع تكررها، وهو عند الناس وعند البعض شيء مهم بأنْ تكون هذه المعلومة حاضرة. 
نرجع للكتاب الميداني، إنه من أوائل الكتب التي قلَّبتها، اشتريناه مع ثاني مكافئة مدرسية، بتوجيه من السلمي المذكور.   
إن التوجيه في بداية العمر لمطلب مهم، فمع وجود المال لم نكن ندري ماذا نفعل ! غير أن مع أول يوم استلام للمكافئة، كان منظر "البيك" الواقع في شارع الستين، ومنه يمر الباص الذي كان يقلّنا = مغريا لدرجة لا تقاوم معه النفس!! فيستقبلنا البيك ونحن بمكافئاتنا وشنطنا وكتبنا، وكان البعض يستخدم السجادة للف الكتب حتى تكون أسهل للحمل وأسهل لوضعها في الأدراج.
ولهذا كان التوجيه مهما، علَّمنا هذا الأستاذ شراء الكتب منذ بداية المتوسطة، ومن هذه النقطة،، تعلمنا زيارة المكتبات والاحتكاك بأصحابها ومعرفة النتاج العلمي وعناوين الكتب.
وكانت المكتبة المفضلة لدى غالب مجموعتي هي دار الباز لقربها من الحرم المكي، ولرخص أسعارها فكانت أقل الأسعار للكتب في الغالب. وأمتلك طبعات لها لبعض الكتب، لا أدري ماذا أقول عنها !
ومرة طلب الأسئلة من الطلاب، فلم يطلب إلا القليل من الطلبة، وكنت فيمن سئل وقلت: هل شوقي هو الذي قال: 
                                        (مشتاقة تسعى إلى مشتاق)
فقال: نعم، والدرس كان عن "شوقي" في قصيدةٍ له.  
وسُئل مرة عن شخصية أدبية، فقال: (بأنه عروبي). ومن هنا ازداد حبي له. ولم يكن صخابًا بل حازمًا. 
كان يهتم بإلقاء القصيدة بصوت أجَشّ. ويعلمنا ذلك وينبه على حسن إلقاء القصيدة؛ لأن الإلقاء نصف الشعر.
كان يدرسنا الأدب والبلاغة على الغالب، وفي بعض السنوات (في الأول أو الثاني الثانوي) جاءنا في النحو ولم يستمر إلا لبعض الحصص، ثم جاءنا "الأستاذ محمد المعلمي" وقد ارتبط معنا بست سنوات في النحو.
وعندما كان "السلمي يأتينا، كان حفظ القواعد إجباريًا عنده، وقد تعب البعض من هذا الأسلوب.   
وفي حصة البلاغة طلب منا بحث لبعض الأمثلة البلاغية، وبذلت الجهد في البحث عن المطلوب بشراء الكتب والسؤال. لأجد أكثر الإجابة مكتوبة في كتاب خاص للإجابة عن تلك الأسئلة.     
ومن الأساتذة الذين تأثرنا بهم في شراء الكتب "سامي الحازمي" فقد حثنا على شراء "الطب النبوي لابن القيم" ذي الطبعة المحققة؛ لأنه كان يدرسنا مادة اسمها "الصحة"، و"زاد المعاد". 
وشخصية ثالثة قد أفرد عنه بمقالة خاصة. وشخصية رابعة كان من الطلبة.
وعتبي على هذا الأستاذ أنه لم يعطنا كل ما لديه من علم ! وأتصور بأنه لو أعطانا -في ذلك الوقت ما تمنيته- لأنهكنا وأتعب عقولنا الصغيرة !!

 قهوة أولد تاون ، كوالا
2013-06-19     



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق